نموذج الاتصال

مقارنة بين الإحساس والإدراك

السؤال:ما علاقة الإحساس بالإدراك؟حلل وناقش -

التحليل المنطقي: ينطوي السؤال على تصورين وهما: الإحساس والإدراك ،بينهما علاقة قد تكون إتصال أو إنفصال لهذا فالطريقة مقارنة لأن المشكلة تتعلق بطبيعة العلاقة الموجودة بين الإحساس والإدراك.



عناصر مقاله المقارنة:-طرح الإشكالية:إحتمال وجود تشابه بين طرفين مختلفين
-محاولة حل الإشكالية:-الإختلاف-الإتفاق-التداخل-الخروج براي شخصي
-حل الإشكالية:الفصل في المشكلة موضوع المقارنة
- مرحلة كتابة المقالة الفلسفية:
ــ لقد خلق الله عز وجل الإنسان وجعل له عقلا يميزه عن سائر المخلوقات ،إذ يستطيع من خلاله القيام بعدة وظائف عليا كالتفكير والتخيل والتذكر والإدراك ،كما جعل له حواس تعتبر القاسم المشترك بين جميع الكائنات وبواستطها يتم الإتصال بالعالم الخارجي أي ما يعرف بالإحساس ،وإذا كان الإنسان في إدراكه للعالم الخارجي الذي يحيط به وما يجري حوله من احداث وتغيرات ينطلق مما تقدمه له الحواس من معطيات حسية ثم ترتقي لما يعرف بالإدراك فإن المشكلة التي تواجههنا هنا تكمن في صعوبة تحديد العلاقة بين الإحساس والإدراك ، لهذا نتساءل ما نوع العلاقة الموجودة بينهما؟هل هي علاقة إنفصال وتمايز ام هي علاقة إتصال وتكامل ؟وبالتالي هل هما امران مختلفان ام متشابهان وهل يمكن القول بان الإدراك يحمل في طياته الإحساس؟
ـــ إذا نظرنا إلى الإحساس والإدراك من ناحية نظرية وخاصة من زاوية التعريف نلاحظ ان هناك فرق واضح بينهما فالإحساس هو عملية فيزيولوجية بسيطة ناتجة عن تاثر إحدى حواسنا بمنبهات خارجية بهدف التكيف مع العالم الخارجي وهو في نظر علم النفس التجريبي مجرد حادثة اولية وبسيطة،والحواس هي الاداة الوحيدة التي تربط الكائن الحي والإنسان بالعالم الخارجي والبيئة وبها تحصل المعرفة ويتم التكيف ويتصف الإحساس بعدة خصائص اهمها انه اولي وبسيط لانه لا يحتاج لواسطة بين المؤثر والعضوية مثال ذلك لا توجد واسطة بين الصوت وإنفعال حاسة الاذن بل يتم بطريقة اولية ومباشرة هو كذلك عملية آلية لانه يمر بثلاثة مراحل وهي المرحلة الفيزيائية وتتمثل في تاثير المنبه على الحاسة مثال ذلك تاثير اللون على حاسة البصر ،ثم المرحلة الفيزيولوجية وتتمثل في وظيفة الاعصاب التي تنقل الإنطباع الحسي إلى المراكز العصبية واخيرا المرحلة النفسية تؤدي إلى تكوين عملية الإحساس من خلال الإستجابة (رد الفعل) اي القيام بسلوك معين(الإقدام او الترك)، الإحساس يتصف بالتنوع لانه يتنوع بتنوع الحواس فكل إحساس يتبع الحاسة الخاصة به وتنوع المنبهات الخارجية لكنه واحد ومشترك في جميع انواعه لأن الكائن الحي بحاجة لجميع حواسه لتحقيق التكيف
اما الإدراك بالتعريف هو عملية معقدة يتم فيها ترجمة وتاويل وتفسير المؤثرات الحسية التي تنقلها الحواس إلى المراكز العصبية لذلك يطلق مصطلح الإدراك على مجمل العمليات التي تبدأ من محاولة تفسير المؤثر إلى معرفة طبيعته وصفاته المعقدة ويعرفه الفيلسوف لالاند بقوله (إنه الفعل الذي ينظم به الفرد إحساساته الحاضرة وتفسيرها ويكملها بصور وذكريات ومبعدا عنها قدر الإمكان طابعها الإنفعالي )ويتصف الإدراك بعدة خصائص اهمها الإدراك عملية عقلية يقوم على العمل العقلي وبالتالي يعتمد على وظائف عقلية عليا كالتاويل والتفسير والترجمة والحكم والتذكر والتخيل والإستنتاج لذلك يقول ديكارت (وإذن انا ادرك بمحض ما في ذهني من قوة الحكم ما كنت احسب اني اراه بعيني)لهذا فالإدراك عملية معقدة وهو كذلك خاصية إنسانية لانه يحمل خصوصية وهي العقل بينما الإحساس مشترك بين الإنسان والحيوان
ـــ إنا هذا الإختلاف بين الإحساس والإدراك لا ينفي وجود نقاط مشتركة بينهما وهي نقاط التشابه فكلاهما نجده عند الإنسان فالإنسان هو الوحيد الذي يحس بالموضوعات الخارجية ويدركها في آن واحد كما انه كلاهما ينتج عنه معرفة نسبية لان المعرفة سواء كانت عقلية او حسية مصدرها الحواس او العقل تتصف بالمحدودية لان كلاهما يخطئ ومحدود وهما يشتركان كذلك في الغاية فكلاهما يهدف لغاية واحدة وهي التكيف مع العالم الخارجي
ــ إن هذا التشابه القائم بينهما يقودنا بالضرورة لوجود علاقة تداخل بينهما لان كلاهما يؤثر في الآخر فالإحساس يؤثر في الإدراك لأنه مرحلة اولية لحدوثه بدليل ان المعرفة عند الطفل الصغير تبدا بماهو حسي ثم ترتقي لماهو عقلي تجريدي وهذا ما اكده الفيلسوف السويسري جان بياجي حين بين بان عملية تعلم الرياضيات لدى الطفل تمر بالمرحلة الحسية ثم المرحلة العقلية التجريدية وبالتالي لا إدراك بدون إحساس،كما ان الإدراك بدوره يؤثر في الإحساس لان الألوان والاصوات والأشكال والحركات والروائح ماهي إلى ومضات عصبية تصل إلى المراكز الدماغية بواسطة الحواس اما معرفتنا لها وتفسيرها فهي وظيفة العقل لهذا فالإحساس بدون إدراك لا معنى له فهذا الاخير أي الإدراك هو الذي يجعل الإنسان يتعرف على الموضوعات وبالتالي يدرك العالم الخارجي
ــ إلا ان الراي الصحيح هو الذي يرى بان هناك إنفصال جزئي بين الإحساس والإدراك وهذا من ناحية التعريف ، وكذلك بينهما إتصال جزئي لان هناك ترابط بينهما من ناحية الوظيفة
ــ إذن نستنتج بأن العلاقة الموجودة بين الإحساس والإدراك هي علاقة تكامل وظيفي لان وظيفة الإحساس تكمل وظيفة الإدراك والعكس صحيح وبالتالي هناك صعوبة في الفصل بينهما وهذا مااكده انصار علم النفس الحديث وخاصة اصحاب نظرية الجشتالت.


اقرأ ايضا : 

7 مقالات الاحساس و الادراك (مقالة متوقعة في بكالوريا 2016)

هل إدراكنا للأشياء يتوقف على التجربة الحسية ؟

إرسال تعليق